اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:02 صباحًا
أخر تحديث : الأحد 11 نوفمبر 2018 - 2:42 صباحًا

بلاغ هام .. الملتقى العالمي 13 للتصوف بمداغ يناقش : الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني: ترسيخ لقيم الحوار والتعارف

زايوتيفي.نت
بمناسبة المولد النبوي الشريف وبشراكة مع المركز الأورو – متوسطي لدراسة الإسلام اليوم CEMEIA تنظم الطريقة القادرية البودشيشية الملتقى العالمي للتصوف في دورته الثالث عشر في موضوع: 
الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني:
ترسيخ لقيم الحوار والتعارف وذلك بمداغ (اقليم بركان، جهة وجدة – المغرب) أيام 9/10/11/12 ربيع الأول 1438 الموافق لـ 20/19/18/17  نونبر 2018 
المشترك اإلنساني هو مجموع ما نتقاسمه من معطيات كبرى تؤسس للوجود اإلنساني في كلياته؛ أي
الثوابت التي توحدنا وتجمعنا، سواء قيميا أو فكريا أو ثقافيا أو اقتصاديا أو بيئيا أو غير ذلك. صحيح أننا
نختلف في كثير من تمظهراتنا المعيشية؛ إذ منا المسلم وغير المسلم، واألبيض واألسود، والغني والفقير…،
إال أننا مع ذلك نبقى شركاء في اإلنسانية، بما تحمله وتتضمنه من قيم ومرتكزات ومعالم كبرى موحدة
وجامعة لكل الناس، فاإلنسان مهما اختلفت أطيافه يبقى هو نفسه اإلنسان، بغض النظر عن انتماءاته
العرقية أو اللغوية أو الجغرافية أو حتى الدينية، إذ إن اختالف هذه التمظهرات يعطي للمجتمع اإلنساني غناه
وتنوعه، بل إننا ال يمكن أن نتخيل قط عالما خاليا دا ومجر من هذا التنوع، فهو سيكون عالما غارقا في

الرتابة والكآبة والجمود، ومن ثم وجب استثمار هذا التنوع من أجل تثبيت الحقائق والقيم االنسانية وتمتينها
وتقوية أواصرها، وليس سببا للتنازع واالقتتال والتطاحن.
إننا نتقاسم أشياء أكثر بكثير من تلك التي نستقل بها عن بعضنا البعض، ونجتمع في أمور أكثر من
التي نفترق فيها، فحاجتنا للبعض حاجة قوية؛ إذ ال يمكن ألي فرد أو مجتمع أو أمة العيش بمعزل عن
العالم. و من ثم ليس لنا من خيار سوى االئتالف في ظل هذه المختلفات، وتدبيرها التدبير اإليجابي لتكون
فضاء للتفاعل والتكامل من أجل خلق األلفة والتناغم المرجوين في ظل الوحدة اإلنسانية، هذه الوحدة التي لم
تعد معتبرة وال حاضرة في واقعنا المعاصر، إال فيما تيسر منه، فمن يتأمل حال هذا الواقع اليوم يرى درجتي
التوتر والقلق اللتين أصبحتا تخيمان عليه؛ حيث تنامى شعور الكراهية بين الشعوب، وأصبحت العالقات
اإلنسانية مبناها الشك واالتهام وسوء الظن والتخوف والتوجس المتبادالن. لذا، ما أحوجنا -في ظل هذا
الوضع- إلى الترويج لقيم المشترك اإلنساني، واستثمارها في بث روح الحوار والتعارف؛ من أجل إعادة رأب
هذا الصدع الذي أصاب وحدتنا اإلنسانية، وذلك على كل األصعدة التي يشملها هذا المشترك؛ دينيا، وقيميا،
وثقافيا، وفكريا، ونفسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وبيئيا، بل وحتى فنيا وجماليا، مادامت هذه األبعاد كلها تدخل
ضمن الحاجيات المشتركة لإلنسان.
لقد كان اإلسالم سباقا للدعوة إلى قيم المشترك اإلنساني بكل معالمه ومناحيه، وذلك من خالل
دعوته إلى التحلي بالقيم المشتركة التي من شأنها أن تبني وتؤسس للوحدة والتفاعل اإلنسانيين في ظل قيمتي
الحوار والتعارف، ولذا قال اهلل تعالى في محكم تنزيله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ ]الحجرات: 13 ،]وقد تجسد هذا األمر بوضوح في حياة
سيد الخلق صلى اهلل عليه وسلم، خاصة في تعامله مع اليهود والنصارى وكيف كان يحترم خصوصياتهم
الدينية والعقدية، ويشركهم في كل القضايا التي تهم المجتمع، وذلك لما كان يراه صلى اهلل عليه وسلم ويعتبره
فيهم من قواسم ومشتركات. وقد تجسد هذا النموذج المحمدي كذلك في سير الصحابة الكرام الذين كانت لهم
بدورهم مواقف رائدة في حسن معاملة الغير وتقبله والتعايش معه، والتاريخ اإلسالمي حافل بالنماذج الواقعية
التي خلدت لحسن رعاية المسلمين لقيم المشترك اإلنساني، وذلك لما حفظوه من أخالق محمدية فاضلة،

فالمسلم كلما ترقى في مدارج اإليمان وتحل ق كلما كانت له القابلية النفسية والسلوكية لتقبل ّى بهذه األخال
اآلخر والتعايش معه على أساس من االحترام والتفاعل والتكامل.
وهنا يمكن أن نستحضر الثقافة الصوفية، باعتبارها مكونا سلوكيا وأخالقيا وروحيا أصيال ضمن
الممارسة الدينية اإلسالمية في بعدها اإلحساني، وما خلفته من إر ث عريق في هذا الباب، إذ ال يخفى الدور
الكبير الذي اضطلع به الصوفية في التقريب بين الشعوب وترسيخ ثقافة الحوار والتعارف، وتفعيل مبادئ
المشترك اإلنساني، وذلك لما حملوه من قيم نبيلة تمثلت في نبذ العنف والتعصب والكراهية، ونشر قيم
التسامح والمحبة والتخلق بالرحمة لجميع المخلوقات دون عنف وتطرف، فقد عملوا طيلة تاريخهم على تعميم
الخير دون تفرقة او تمييز ألنه إيمان بالوجود والحياة وابتعاد عن أنواع الشر والظلم واإلقصاء. وهذا كله نابع
من مبدأ التخليق الذي اختصوا به والذي مداره على عنصر التزكية؛ إذ ما فتئوا يعملون على اجتثاث كل
قصاء الغير

نوازع النفس األمارة التي من شأنها الدفع باإلنسان إلى األنانية والحقد والحسد والك ارهية وا
وتحقيره، وتحليته في مقابل ذلك باألخالق الفاضلة التي تدفعه إلى االنفتاح على هذا الغير ومعاملته بمبدأ
األخوة اإلنسانية. فمنهج الصوفية ال يقوم أبدا على اإلقصاء بقدر ما ينبني على التكامل واالنسجام مع كل
المكونات الحضارية واإلنسانية، وذلك من باب احترام إرادة اهلل في الخلق والتأدب مع حكمته؛ إذ لو شاء
تعالى لجعل الناس أمة واحدة، وبذلك فقد قدموا صورة مشرقة عن روح اإلسالم وسماحته وكونيته وشموليته.
ولقد كان المغرب -في ظل ما عرفه من تميز لهذه الثقافة- نموذجا رائدا في بث روح التسامح
والتعايش وترسيخ قيم الحوار والتعارف، وذلك بفعل تجدر وتعمق البعد الروحي ضمن شخصيته الدينية
والثقافية والحضارية، فقد كان لرجاالت الصالح والوالية في هذا البلد العزيز دور كبير في تثبيت هذه القيم
تنزيال للمقاصد اإلسالمية الكبرى المتمثلة في حسن الجوار والتعاون، مما كان له األثر البالغ على وحدة
وانسجام وتناغم كل المكونات الدينية والعرقية واللغوية والحضارية التي عرفها المغرب في ظل ما يجمعها من
قواسم ومشتركات، وبذلك فقد كانوا من الفعاليات األساسية لحفظ قيم التعايش وتفعيل المشترك اإلنساني، ليس
نما أيضا من خالل ما قدموه من انفتاح وتفاعل مع العديد من المكونات الحضارية

محليا وحسب، واالخارجية، مثلما هو الحال فيما خلفوه من آثار داعمة للصالت القارية وتقوية المشترك اإلفريقي، خاصة مع
ما يعرفه التدين المغربي اليوم من حضور فاعل داخل هذه القارة، بفعل ما أمدوه به من قيم إنسانية أصيلة،
وكذا في ظل ما يحظى به من رعاية فعلية ألمير المؤمنين محمد السادس نصره اهلل الذي ما فتئ يدعو إلى
جمع الشمل وتوحيد الصفوف عبر ما يفتحه من أوراش تنموية؛ إنسانيا وعمرانيا وحضاريا.
إن مؤسسة الملتقى إذ تطرح موضوع هذه السنة فمن منطلق المسؤولية التي تستشعرها في التنبيه إلى
كبريات المسائل التي تعني اإلنسانية، ومنها قضية المشترك اإلنساني؛ بالنظر لما أصبح يعاني منه العالم
اليوم من مظاهر التفرقة والتمزق واإلقصاء والعنف والصراع، وما سيتيحه ذلك من إمكانات لدرء بؤر التوتر
والتقليل من مظاهر هذا الصراع الذي أصبح العالم يتخبط فيه، فعوض نشر ثقافة التنافر والتباغض والتحاسد

والكراهية، وجب تنمية ثقافة التعارف والتجاور والتكامل والمحبة والسالم وغير ها من القيم الكونية التي
يتضمنها المشترك اإلنساني. والمؤسسة إذ تفتح هذا الورش أمام الباحثين والمختصين، فألجل تدارس وتباحث
األصول و الثوابت التي يستند إليها هذا المشترك واستجالء أبعاده وقيمه، وفق أصول ديننا الحنيف وما يحمله
من قيم كونية ترعى وترسخ لهذا المشترك، مع استجالء اآلفاق الواسعة التي يقدمها التصوف في هذا الباب،
و بيان المسؤولية التي يتحملها المسلمون اليوم –خاصة المقيمون في ديار المهجر- في تقديم الصورة الحقيقية
لإلسالم، خالفا للصورة القاتمة التي أصبح الغرب يأخذها عنا وعن ديننا الحنيف، وكذا التنبيه إلى المسؤولية
الكبيرة التي يتحملها العلماء والباحثون –مسلمون وغربيون- في استثمار االختالف وتعزيز قيم التعايش
السلمي والتكامل مع اآلخر من أجل بناء مجتمع إنساني يسوده السلم والتفاعل واالحترام واالنفتاح في ظل
القيم اإلنسانية المشتركة.
محاور الملتقى:
1ـ المشترك اإلنساني: مقدمات نظرية
2ـ المشترك اإلنساني وأبعاده الدينية والعقدية.
3ـ المشترك اإلنساني في اإلسالم: أصول وتجليات.
4ـ المشترك اإلنساني وقيم الحوار والتعارف.
5ـ تاريخ المشترك اإلنساني بين اإلسالم والغرب.
6ـ اإلسالم والغرب: تحديات التعايش والتعاون.
7ـ الثقافة الصوفية والمشترك اإلنساني: نماذج تاريخية.
8ـ المشتر ك اإلنساني وأبعاده االقتصادية والتنموية.
9ـ الثقافة الصوفية والمشترك الفكري والثقافي.
10ـ الثقافة الصوفية والمشترك البيئي.
11ـ الثقافة الصوفية والمشترك الفني والجمالي.
12ـ المشترك اإلنساني في التجربة الدينية المغربية: أسس ونماذج.
13ـ النموذج الديني المغربي والمشترك اإلفريقي.

4ـ المشترك اإلنساني والتأسيس لقيم المواطنة العالمية.
15ـ المشترك اإلنساني وثقافة السالم.
16ـ المشترك اإلنساني والتقريب بين الحضارات واألديان.

 

أوسمة :

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات