زايوتيفي – متابعة
باسم الالتراس قتل أبرياء.. باسم الالتراس خربت ممتلكات وشوراع وسيارات.. باسم الالتراس سرق شيوخ ونساء ونهب أغراض الخلق بلا استحياء.. باسم الالتراس سجن من سجن، حتى الذي لم يكن أبداً مذنباً، سجن.. لماذا!؟ لأن شبح الالتراس جرقه دون أن يدري أو يكون على علم..
ما جرى ذكره، مجرد فيض من غيض، وتفاصيل الأحداث الشغب المؤلمة التي عاشت على واقعها ملاعب مغربية في مناسبات متكررة، تفرض طرح سؤال وجيه: هل أصبح قانون الالتراس أسمى وأقوى من قانون البلاد؟ هل أصبحنا في غابة القوي فيها يقتل الضعيف ويسلب أغراضه وممتلكاته؟ ألم يحن الوقت من وقف نزيف الفوضى والدم الذي ينبعث في كل مرة بملعب من ملاعبنا الوطنية؟ ألا يملك نواب الأمة من الجرأة ما يكفي من أجل سن قوانين جديدة من شأنها أن توقف هذا العبث المسمى “ألتراس”؟؟
في الكواليس، هناك أشخاص يمتلكون جهاز “الريموت كونترول” أو التحكم عن بعد، هم يفرضون قانون الالتراس، يوجهون المشجعين، يفرضون واجبات الانخراط من أجل تحقيق شرط الانتماء، يلزمونهم بشراء “البرودوي” قبل إعلان الولاء، في مشهد يذكرني بما يقع حاليا في أسواق الجملة للخضر والفواكة من خروقات وتجاوزات، حيث يصبح المواطن المقهور ضحية تعدد الوسطاء، وكثرة المحتكرين، الأمر الذي يفرض ارتفاع الاسعار بلا شفقة أو رحمة، كذلك ومثال، بالنسبة للفرق المغربية التي لا تستفيد بشكل مباشر من دعم جماهيرها، لأن فئات عريضة منها تفضل المرور عبر نفق الالتراس بدل أن يكون ولاؤها للنادي أو الفريق المفضل.
حتى وقت قريب، وتحديدا مطلع تسعينيات القرن الماضي، كانت الملاعب فضاء للمتعة والفرجة، وكان الكل يلبس أجمل ما لديه من أجل متابعة مقابلات فريقه المفضل، كانت النساء ترافق الرجال إلى الملاعب، لم يكن آنذاك شيء اسمه تعصب أو شغب ولا حتى انتماء (على الأقل بالمفهوم الحالي)، كانت المقابلات فرصة للاستمتاع والترويح عن النفس بعد أسبوع من العمل.
لكن ولأهداف صارت اليوم معلومة، اختار البعض أن يجعلوا من هذه الاحتفالية والفرجة الأسبوعية، مسرحا لأحداث دامية، باسم “عقيدة الالتراس” التي فرضت عداوات بين الاخوة الاشقاء، فقط لأن هذا ودادي والآخر رجاوي، نعم باسم الالتراس صار ممكنا أن يقع كل ما يخطر على بالك أو حتى الذي لن يخطر يوما ببالك، طالما أن ولاء المشجع للالتراس وليس لقانون الدولة والإنسانية.
صحيح ان هناك فصائل استطاعت أن تخلق الحدث في مناسبات عدة، بفعل حسن تنظيمها وتأطيرها الجماهير، وأشكالها الاحتفالية التي أبهرت العالم، لكن هناك أشياء كثيرة في هذا المكون الجماهيري تحتاج إلى غربلة كثير من أفكاره ومبادئه، لعل أولها، قبول الآخر والتعامل معه بشكل إنساني عوض اعتباره عدو لابد من الدخول معه في حروب كلامية قد تتطور على أرض الواقع لتخلف مآس وأحداث مؤسفة، سرعان ما تخلف ضحايا في الأرواح وخسائر في الممتلكات..