زايوتيفي.نت
كشف تحقيق صحفي جديدة عن آليات رقابة تستخدمها شركة “فيسبوك” في تشغيل تطبيق “واتساب”، في مخالفة لوعود رئيسها مارك زوكربيرغ بشأن خصوصية مستخدمي هذا التطبيق.
وقال زوكربيرغ، في كلمة ألقاها في مجلس الشيوخ عام 2018: “لا نرى أيا من المحتويات في واتساب”، ويشدد مشغلو التطبيق دائما على هذه السياسة، بما يشمل ظهور علامة لدى إرسال الرسائل عبره تنص على أنه “ليس بإمكان أحد خارج هذه المجموعة قراءت هذه الرسالة أو الاستماع إليه”.
غير أن التحقيق الذي أجراه موقع ProPublica، ومقره في “نيويورك، اعتمادا على وثائق وبيانات ومقابلات مع عشرات الموظفين الحاليين والسابقين في الشركة والمتعاقدين معها، خلص إلى أن “واتساب” أقل خصوصية مما يعتقد الكثيرون من مستخدميه الذين يصل عددهم ملياري شخص.
ويعد هذا أول تحقيق من نوعه يكشف عن تفاصيل ومدى قدرة مشغلي “واتساب” على فحص الرسائل وبيانات المستخدمين ويدرس كيفية استخدامهم لهذه المعلومات.
وحذر الموقع من أن “فيسبوك” منذ اقتنائها “واتساب” عام 2014 قوضت بشكل صامت الضمانات الأمنية الشاملة إلى مستخدمي التطبيق بطرق مختلفة.
وأشار ProPublica إلى أن سياسات الخصوصية التي تنتهجها “فيسبوك” تجاه “واتساب” تختلف بشكل ملموس عما تمارسه في تشغيل موقع “فيسبوك” وتطبيق “إنستغرام” وتستدعي تساؤلات ملموسة بسبب عدم كشف الشركة إلا تفاصيل قليلة عنها.
وكشف تقرير الموقع أن مبلغا طلب عدم الكشف عن اسمه قدم العام الماضي شكوى إلى اللجنة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات (SEC) كذّب فيها تصريحات “فيسبوك” عن خصوصية “واتساب” واعترف باستخدام مشغلي هذا التطبيق على نطاق واسع متعاقدين خارجيين ونظما للذكاء الاصطناعي وبيانات الحسابات بهدف فحص الرسائل والصور والفيديوهات التي يتبادلها مستخدمو التطبيق.
ولم تتخذ اللجنة أي خطوات علنية بشأن شكوى التبليغ هذه، فيما أصرت شركة “واتساب” أنها ليست على دراية بها.
كيفية تعامل “واتساب” مع الرسائل المسيئة المحتمل
وأكد الموقع أن أكثر من ألف موظف متقاعد مع “واتساب” في مكاتب الشركة في مدينة أوستن (مركز ولاية تكساس) والعاصمة الإيرلندية دبلن وسنغافورة يعملون باستخدام برمجيات خاصة بـ”فيسبوك” على فحص ملايين الرسائل والصور والفيديوهات التي يجرى تبادلها عبر “واتساب”.
وأوضح الموقع أن الحديث يدور عن الرسائل التي يضع عليها مستخدمون في “واتساب” علامة تنص على أنها قد تكون مسيئة، وذلك لطيف واسع من الأسباب، ابتداء من الاحتيال والسخام الإلكتبوني (“سبام”) ووصولا إلى نشر المواد الإباحية للأطفال والتهديدات الإرهابية المحتملة.
وأشار تقرير الموقع إلى أنه عندمها يضع المستخدم علامة “الإساءة المحتملة” على رسالة، تحال هذه الرسالة وأربع رسائل سابقة من نفس الحوار للفحص.
وأقر مدير الاتصالات في “واتساب”، كارل ووغ، للموقع بوجود فرق متعاقدين يعملون على فحص تلك الرسائل من أوستن وأماكن أخرى، قائلا إنهم يعملون على تحديد “أسوأ المسيئين” وإبعادهم عن التطبيق.
وذكر التقرير أن هؤلاء الموظفين يتعاملون يوميا مع ما يصل إلى 600 رسالة مثيرة للشبهات، ولذلك يضطرون إلى إصدار قرار بشأن كل واحدة منها خلال أقل من دقيق عادة، وذلك بناء على تعليمات غامضة في بعض الحالات.
وكشف أحد المتقاعدين للموقع أنه عرض عليه وزملائه فحص مقطع فيديو يظهر رجلا يحمل في يده ما يشبه رأسا مقطوعا خلال تجمع سياسي، وطلب منهم تحديد ما إذا كان هذا الرأس حقيقيا أو زائفا.
وأشار التقرير إلى أن هؤلاء الموظفين يعملون رسميا لصالح شركة Accenture ويطلب منهم عدم الكشف عن صلتهم بـ”فيسبوك”.
وأشار ProPublica إلى أن عمل هؤلاء المتقاعدين يمثل جزء من عملية رقابة أوسع نطاقا تدرس خلالها الشركة باستخدام الذكاء الاصطناعي البيانات غير المشفرة للمرسل وحسابه الشخصي.
“نقتل أناسا من أجل البيانات الوصفية”
وأعار ProPublica في تقريره اهتماما خاصا بكيفية استخدام مشغلي “واتساب” البيانات الوصفية لمستخدميه.
وخلص التحقيق إلى أن “فيسبوك” تقلل من حجم البيانات التي تجمعها من مستخدمي “واتساب” ونطاق تبادلها هذه البينات مع مؤسسات إنفاذ القانون الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن هذه البينات الوصفية التي لا تخضع للتشفير قد تلعب دورا بارزا في الرقابة على حياة الناس، ونقل عن الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية (CIA) ووكالة الأمن القومي (NSA) عام 2014 في جامعة جونز هوبنكنز: “نقلت أناسا بناء على البيانات الوصفية”.
وعلى الرغم من تعهد “واتساب” بمنح مستخدميه السيطرة التامة على بياناتهم الوصفية، أكد التحقيق أن مشغلي الموقع يجمعون هذه البيانات ويحللونها ويتبادلونها مع السلطات دون إبلاغ المستخدمين بذلك.
ولفت ProPublica إلى أنه كشف أكثر من 12 حالة على الأقل طلبت فيها وزارة العدل الأمريكية أوامر قضائية للحصول على بيانات وصفية من “واتساب” منذ عام 2017.
وذكر الموقع أن البيانات الوصفية لعبت دورا رئيسيا في اعتقال وإدانة المسؤولة السابقة في الخزانة الأمريكية ناتالي إدواردز المتهمة بتسريب تقارير مصرفية سرية عن تحويلات مالية مثيرة للشبهات إلى موقع BuzzFeed.