اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 4:19 صباحًا
أخر تحديث : الجمعة 30 أكتوبر 2020 - 3:46 مساءً

علماء وباحثون من القارات الخمس يشاركون في الجلسة الإفتتاحية للملتقى العالمي الصوفي للطريقة القادرية البودشيشية

زايوتيفي – مذاغ

انطلقت مساء أمس الخميس 12 ربيع الأول 1442ه الموافق ل 29 أكتوبر 2020 فعاليات الدورة الخامسة عشر من الملتقى العالمي للتصوف، الذي تعقده الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها بشراكة مع مؤسسة الملتقى والمركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في إطار الاحتفالات بالمولد النبوي، تحت شعار “التصوف وتدبير الأزمات: دور البعد الأخلاقي والروحي في الحكامة الناجعة”.
استهلت أشغال الجلسة الإفتتاحية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها المقرئ المغربي سعيد مسلم، أستاذ علم المقامات، متخصص في القراءات العشر، ليتناول الكلمة بعد ذلك مدير الملتقى الدكتور منير القادري بودشيش، الذي هنأ الأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف، ورحب بالعلماء المشاركين في هذه الدورة، مبينا التوجهات والإطار العام لنسخة هذه السنة.
وقد قام الدكتور أحمد عبادي رئيس الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، بتسليط الضوء على قوله تعالى “هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما، تحيتهم يوم يلقونه سلام، وأعد لهم أجرا كريما، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منير، وبشر المومنين بأن لهم من الله فضلا كبير” (الآيات 43، 44، 45، 46، و47 من سورة الأحزاب).
مبينا أن هذه الآيات توضح خارطة طريق المؤمن الى رب العالمين، واستنتج منها أربعة عناصر، هي وضوح القبلة، فالله تعالى هو الغاية والمقصد من كل نية وفعل، موضحا أن معرفة الله تعالى تستوجب الاخذ والنهل من معين العارف بالله الوارث المحمدي، والعنصر الثاني يضيف العبادي يتمثل في الفوز الكبير والأجر الكريم الذي ينتظر المؤمنين، أما العنصر الثالث فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو السراج الذي لا يحتاج الى أن يوقد ، الذي يسير الورثة، العلماء العارفون المؤتمنون على نهجه، إذ هم الوحدة القياسية لتقويم السلوك، والعنصر الرابع هو البشارة الموعودة للمؤمنين في الدنيا والاخرة، وختم مداخلته بالتأكيد على أن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون باتباع سنته ومقابلة الإساءة بالحسنى.
وبدوره دعا الدكتور إبراهيم سلامة، مستشار وسفير لدى منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى تدبر السيرة النبوية، من أجل مواجهة الأزمات الراهنة، منبها الى وجود حكمة ربانية في هذه الجائحة، مستشهدا بقوله تعالى “ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك”، وأضاف أن الصوفي يكون في بحث مستمر عن الحكمة، مبينا أن الصدام بين حرية التعبير وحرية العقيدة يرجع إلى الجهل واتباع الهوى، ودعا إلى استثمار مقاصد الشريعة وتنزيل مخرجات هذا الملتقى والملتقيات السابقة التي تتميز بالمحبة والجانب الروحي الذي من شأنهما توضيح المسار للإنسانية، وتابع بأن البعد الروحي يمكنه أن يغني الجانب الحقوقي بإضافات كثيرة، وحث على التركيز على الشباب والمدرسين وعلماء الدين لنشر القيم الروحية السمحة لديننا الحنيف.

وبين الشيخ الدكتور سليم علوان الحسيني مفتي أستراليا، في مداخلته أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إظهار للشكر لله تعالى، مؤكدا رفضه واستنكاره لنشر الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بين رفضه للممارسات الإرهابية التي ترتكب زورا باسم الإسلام، موضحا أن الرد ينبغي أن لا يكون بمقابلة الإساءة بالإساءة وعدم تأجيج المشاعر التي تولد العنف الممقوت، داعيا الى التحلي بالحكمة والرد بالفكر والصبر وتخريج حفظة لكتاب الله ودعاة للسنة النبوية، فهذا هو طريق الصالحين السابقين، يضيف الحسيني، كالجنيد وعبد القادر الجيلاني، وعبد السلام بن مشيش وغيرهم.

وشاركت الدكتورة “صفية فرانسيا” من المكسيك، وهي أستاذة جامعية باحثة في التصوف، وتطرقت في كلمتها إلى دور للتصوف عامة وما تقوم به الطريقة القادرية البودشيشية خاصة في نشر قيم المحبة والتعاون والسلام بين جميع البشر، مؤكدة أن العالم الآن في حاجة إلى مثل هذه القيم لتجاوز الأزمات المعاصرة.

ومن جانبه تحدث الكاتب والدبلوماسي عبد الله بوسمر، من بلجيكا، عن دور التربية الروحية في تحقيق الاستقرار والطمأنينة الداخلية للإنسان مما يؤهله لمواجهة الأزمات، مشيرا إلى أن التصوف يحث على خلق علاقة محبة مع الخالق وتربية النفوس على قيم الرحمة والصبر، مؤكدا على أهمية صحبة الشيخ المربي ودوره في تزكية النفس.

بعد ذلك تناول الكلمة المفكر الفيتنامي “طاو شان” رئيس هيئة التفكير بالأمم المتحدة، الذي نبه إلى وجود جائحة أخرى الى جانب جائحة كوفيد 19، هي الجائحة المعنوية، التي فشت بسبب الشعور بالقلق والخوف والهلع، جراء فقدان التفكير الإنساني لبوصلته بفعل انتشار الكثير من الأخبار والمعلومات الزائفة، وأشار إلى وجود أربعة انواع من العين، وهي عين الانسان العادية، ثم العين العلمية الموجودة لدى الباحثين الذين يوظفون التقنيات البصرية كالمجهر، والعين الثالثة هي عين البصيرة التي توجد عند الذاكرين الله كثيرا، والعين الرابعة هي عين الأولياء والعارفين والحكماء الذين يبصرون بنور الله، مبرزا أن هذ الملتقى يعد فرصة لتبادل الخبرات من أجل التصدي للأزمات.

ومن انجلترا تحدثت الدكتورة “أسماء بيكيني”، باحثة في التصوف، التي أكدت أن تجاوز الازمات الراهنة يحتاج منا الى فكر متفائل ونظرة كونية، مبينة أن القيم الصوفية قادرة على رفع التحديات التي تواجه الإنسانية، وأضافت أن التصوف يمتلك الحلول لما يسمى صراع الحضارات.

أما الوزير المالي السابق السيد ابراهيما توري ، فقد أبرز في كلمته دور البعد الروحي في التصدي للأزمات الإجتماعية والسياسية، وضرب مثلا بواقع بلده مالي، موضحا أن جائحة كورونا تبين لنا أن مصيرنا مشترك، وان التضامن هو السبيل للخروج من هذه الازمة.

وكان الدكتور صلاح الدين المستاوي من تونس، آخر المتدخلين، نيابة عن جامعة الزيتونة، وأبرز في كلمته أهمية البعد الروحي في تثبيت المسلم أمام الأزمات.

وتخللت هذه الجلسة الإفتتاحية وصلات من المديح والسماع قدمتها المجموعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، ومجموعة الطريقة بليبيا.

أوسمة :

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات