اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 12:03 صباحًا
أخر تحديث : الأربعاء 10 يوليو 2024 - 2:22 مساءً

من يكون طارق بن زياد.. “البطل الغامض” الذي لازالت قصته تحير العالم

زايوتيفي – متابعة

يصف المؤرخون الأوروبيون طارق بن زياد بأنه شخصية غامضة وصلت إلى “هسبانيا” بجيش صغير وتركت وراءها إرثا هاما. إنه القائد العسكري الذي أسهم في فتح شبه جزيرة أيبيريا في وقت قياسي.

طارق بن زياد كان نزل الجبل الذي حمل اسمه فيما بعد بجيش صغير يقدر بين 7000 إلى 10000 مقاتل معظمهم من الأمازيغ، “البربر” في مايو عام 711. كان هذا الجيش بمثابة قوة استطلاع رئيسة وصلت إلى المنطقة بعد قوة استطلاع أولى صغيرة قادها طريف بن مالك.

كان موسى بن نصير واليا على إفريقيا في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، فيما كان طارق قائدا عسكريا تحت إمرة ابن نصير.

تلك القوة الصغيرة التي قادها طارق بن زياد في الحملة على شبه جزيرة أيبيريا تمكنت خلال فترة قصيرة من السيطرة على شمال إسبانيا وكان ذلك في 9 يوليو عام 711.

كانت شبه جزيرة أيبيريا والتي كانت تسمى وقتها “هسبانيا” تحت سيطرة القوط الغربيين. كان هؤلاء قوة احتلال استعبدت السكان المحليين ومارست ضدهم كل أنواع الظلم والاضطهاد، فيما كان السكان ينظرون إلى القوط على أنهم برابرة.

ملك القوط رودريك أو “لذريق” بحسب النصوص العربية، كان يعاني من نزاع في الأسرة الحاكمة فضلا عن كراهية السكان المحليين. شقيقان له كانا يتحينان الفرص لانتزاع التاج منه.

علاوة على ذلك كانت سبتة في الضفة الإفريقية المقابلة للمضيق، تحت حكم الكونت يوليان. هذا الحاكم استنجد بالمسلمين سادة شمال إفريقيا وقتها للانتقام من الملك رودريك، لأنه “سلب عفاف ابنته”!

الكونت يوليان أمن لقوات الفتح الإسلامي ممرا آمنا إلى الضفة الأخرى وساعدهم على العبور إلى هناك بالسفن والمؤن.

المسلمون ما إن دخلوا شمال إفريقيا حتى أولوا اهتماما خاصا ببناء أسطول بحري حربي. لهذا الغرض افتتحوا حوضا لبناء السفن في تونس على يد قائد الفتوحات في شمال إفريقيا، حسن بن النعمان.

السفن التي بنيت في تونس كانت ضمن الأسطول الذي استخدمه طارق بن زيادة في العبور إلى الأندلس، علاوة على القوارب التي وفرها الكونت يوليان.

بعد مرور ثلاثة أشهر من عبور طارق بن زياد بقواته المضيق، استعد للمعركة الفاصلة مع الملك رودريك باستقدام تعزيزات تقدر بخمسة آلاف مقاتل.

واجه جيش الفتح الإسلامي قوات القوط الغربيين في معركة استمرت ثمانية أيام وانتهت بانتصار مشهود وبمقتل ملك القوط، وأصبحت الطريق بعدها سالكة إلى جميع أرجاء شبه جزيرة أيبيريا، وسقطت قرطبة وملقة وكذلك طليطلة عاصمة القوط.

حين سمع موسى بن نصير والي إفريقيا بسقوط ممدن الأندلس تباعا أمام قوات طارق بن زياد، سارع إلى اللحاق به بجيش تعداده 18 ألف شخص، وتمكن من فتح مدينة “شذونة” ثم “قرمونة” وكامل إشبيلية.

يقال إن ابن نصير وبخ طارق بن زياد بشدة على اندفاعه وتوغله في الأندلس وأنه سجنه لمخالفته أوامره. بعض المؤرخين يعتقدون أن موسى بن نصير رأى في طارق بن زياد منافسا ينازعه على شرف فتح الأندلس.

الرواية تشير إلى أن طارق بن زياد تمكن من الاتصال بالخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك من سجنه، وأن الخليفة أمر بإطلاق سراحه.

موسى بن نصير وطارق بن زياد اجتمعا من جديد بعدها وأكملا معا فتح شبه جزيرة أيبيريا التي تضم الآن إسبانيا والبرتغال.

بقيت إسبانيا من عام 711 إلى 1492، لأكثر من 750 عاما تحت الحكم الإسلامي، وعاشت فترة طويلة من الازدهار الحضاري والاستقرار، وكانت بمثابة منارة أشعت على أوروبا.

دخل طارق بن زياد الذي يوصف بـ”القائد العسكري الغامض”، التاريخ من دون مقدمات، وأصبح اسمه على الخرائط بجميع اللغات.

تحول الرجل إلى أسطورة كبيرة في أكثر من جانب، ودار جدل طويل حول أصل طارق بن زياد. هل هو من الأمازيغ أم العرب أم الفرس. الجدل لا يزال دائرا على الرغم من ترجيح احتمال أنه كان أمازيغيا.

المؤرخ البريطاني توماس ووكر أرنولد “1864 – 1830” في كتابه “الدعوة إلى الإسلام” يقول عن فتح الأندلس: “لا نسمع شيئا عن التحول القسري أو أي شيء مثل الاضطهاد في الأيام الأولى للفتح العربي. ربما كان موقفهم المتسامح تجاه الدين المسيحي إلى حد كبير هو الذي سهل اكتسابهم السريع للبلاد”.

أوسمة :

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات