لم تمنع الأشغال الجارية على قدم وساق التي استهدفت عملية إعادة تأهيل السجن الفلاحي لزايو، التابع ترابيا لجماعة أولاد ستوت، من أن يعيش نزلاؤه، يوم الخميس 21 مارس الجاري، لحظات إبداع راقية، حلق بهم الكاتب والصحافي المتميز الأستاذ عبد القادر بوراص إلى عالم الفكر والأدب، من خلال قراءة في مجموعته القصصية “مضارب الشقاء“، وذلك في إطار احتفال هاته المؤسسة السجنية النموذجية باليوم العالمي للشعر، وهي مبادرة نبيلة تروم تشجيع السجناء على الاهتمام بالثقافة والتفاعل مع شخصيات من عالم الثقافة والإبداع.
اللقاء الثقافي الفريد من نوعه افتتحه مدير السجن الشاب علي الوهابي بكلمة ترحيبية بضيف المؤسسة القاص والإعلامي الأستاذ عبد القادر بوراص وبمجموعة من النزلاء عشاق الكلمة المعبرة والمولعين بالأدب والثقافة عموما، قبل أن يشير إلى أن هاته التظاهرة الثقافية تعكس انفتاح السجون على بيئتها من خلال تفاعل نزلائها مع شخصيات من عالم الفكر والأدب، معتبرا هاته المبادرات فرصة سانحة يكتشف عبرها السجناء مواهبهم ويصقلون ذوقهم في مختلف الفنون الأدبية، فضلا عن آثارها الإنسانية الإيجابية التي من شأنها التخفيف من ظروف الاعتقال.
وعرف هذا اللقاء المفتوح الذي ترأسه مدير السجن علي الوهابي، بحضور دينامو الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية، وخدوم نزلاء السجن، الإنسان الطيب محمد بوغرارة، وزميله الخبير المتمرس خالد عبيدي، وبعض أطر المؤسسة، (عرف) قراءة في المجموعة القصصية “مضارب الشقاء”، كما استمع النزلاء باهتمام بالغ إلى أقصوصة بعنوان “رب أسرة بين الاستبداد والخنوع”، تعالج جملة من القضايا المختلفة منها السلم والسلام والتسامح بين الديانات، ونبذ العنف والتطرف ومحاربة الإرهاب، ونهج سبل الحوار لمعالجة وحل مختلف المشاكل، والعمل لما فيه خير البلاد والعباد، وغيرها من المظاهر الاجتماعية ذات الأبعاد التربوية والإنسانية النبيلة.
وأبى الكاتب ذ. عبد القادر بوراص، والعالم يحتفل بيوم الشعر، إلا أن يقرأ قصائد زجلية من ديوان “الخبزة” لصديقه المبدع المرحوم عبد العزيز بوروح، تفاعل معها السجناء بشكل إيجابي كبير لما تضمنته مواضيعها من عبر ودروس سامية.
هذا وقد ساهم مجموعة من النزلاء بفعالية قل نظيرها في إثراء النقاش من خلال مداخلاتهم الهادفة ونقدهم البناء وتساؤلاتهم الوجيهة، أبرزت كلها مدى إلمامهم بالأدب وفنونه، وهي الميزة التي ترصع سجل السجن الفلاحي لزايو الذي أصبح بحق مضرب المثل للمؤسسة النموذجية الناجحة بعد أن تحولت إلى مدرسة للعلم والمعرفة، وورشة متحركة لمختلف المهن، يقبل عليها السجناء بمختلف فئاتهم العمرية، تؤهلهم دون شك للانخراط في سوق الشغل والاندماج في المجتمع بعد مغادرتهم أسوار السجن. فضلا عن استفادة عدد غير قليل منهم بدروس في محو الأمية.
وتوج هذا اللقاء الثقافي بامتياز بتوزيع صاحب “مضارب الشقاء” ذ. عبد القادر بوراص نسخا من مجموعته القصصية على النزلاء الذين تسلموها بسعادة وفرح عارمين، لتكون رهن إشارة باقي زملائهم المولعين بالأدب في خزانة المؤسسة السجنية.
جدير بالذكر أن هاته التظاهرة تندرج في إطار جيل جديد من المبادرات والبرامج التي تعتزم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تعميمها من أجل تحسين القدرات المعرفية للسجناء واكتساب ذكاء اجتماعي جيد من خلال التفاعل مع المثقفين المغاربة.