اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 5:03 صباحًا
أخر تحديث : الأحد 20 ديسمبر 2020 - 7:25 مساءً

ليفيا: المدينة الإسبانية التي تقطعت بها السبل في فرنسا

زايوتيفي – متابعة

ستجد المنظر من القلعة رائعا للغاية، ما يجعلك تفهم سبب عدم رغبة الإمبراطوريات المتحاربة في التنازل عن هذا الوادي الأخضر، الموجود بين قمم جبال البرانس الكاتالونية والمغطاة بالثلوج.

مرحباً بكم في ليفيا، تلك البقعة الصغيرة من إسبانيا التي تقطعت بها السبل في فرنسا.

قارة في صراع

للوهلة الأولى، يبدو أن الحدود الحالية بين فرنسا وإسبانيا محددة بسمات طبيعية واضحة، حيث تشكل سلسلة جبال البرانس المهيبة، بما في ذلك العديد من القمم التي يبلغ ارتفاعها 10 آلاف قدم، فجوة واضحة بين البلدان المجاورة.

لكن، تاريخ هذه الحدود يعود أيضاً إلى الحرب والدبلوماسية، بقدر ما يعود إلى جيولوجيتها.

منذ حوالي 400 عام، شهدت أوروبا صراعاً استمر لعقود من الزمن، حتى أصبح يعرف باسم “حرب الثلاثين عاماً”. وكجزء من ذلك، استمرت الحرب الفرنسية الإسبانية من 1635 إلى 1659.

وشكل هذا تحدياً لهدف فرنسا طويل الأجل المتمثل في تأمين ما تعتبره حدودها الطبيعية.

حفل زفاف ملكي

وأخيراً، اقتربت فرنسا وإسبانيا من التوصل إلى اتفاق، حتى أنه رُتب حفل زفاف ملكي لإبرام الصفقة، وذلك بزواج ملك فرنسا لويس الرابع عشر من أميرة إسبانية.

ولكن، كانت هناك قضية واحدة فقط متبقية على الطاولة، وهي ترسيم الحدود المشتركة.

استمرت المفاوضات لأشهر حتى انتهائها. وحددت معاهدة صلح البرانس، التي وقعت في نوفمبر 1659، اتفاقية عامة، لكنها تركت بعض النقاط المتعلقة بالحدود مفتوحة.

سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً وبعض الترتيبات لتسويتها تماماً.

الوادي الأخضر

وكانت القضية الأكثر إثارة للجدل هي قضية وادي سيردانيا، وهو على بعد مئات الأميال شرقاً. وبسبب عدم وجود حواجز طبيعية واضحة، خلقت معضلة للمفاوضين الإسبان والفرنسيين.

يقول المؤرخ والمؤلف ميشيل بوغان: “على عكس ما يعتقد غالباً، لم تتم تسوية الحدود في منطقة سيردانيا في معاهدة صلح البرانس، حدث ذلك بعدها بقليل، لأن فرنسا وإسبانيا لم تتفقا على مكان الحدود”.

وأضاف: “أراد كلا الجانبين الاحتفاظ بالوادي كله لأنفسهما”.

استمرت المفاوضات إلى درجة أن المندوب الإسباني، لويس مينديز دي هارو، هدد بإلغاء حفل الزفاف الوشيك بين لويس الرابع عشر وإنفانتا ماريا تيريزا، الابنة الكبرى للملك الإسباني، إذا تعذر التوصل إلى اتفاق بشأن حدود سيردانيا.

صياغة الاتفاق النهائي

وكانت المشكلة أن صياغة الاتفاق النهائي قد أشارت إلى أن 33 قرية في المنطقة المتنازع عليها ستذهب إلى فرنسا.

وفي منتصف الأجزاء المخصصة لفرنسا، تأتي ليفيا التي تعتبرها إسبانيا مدينة وليست قرية، لأن القانون الكاتالوني منحها هذا التصنيف.

تعود أصول هذه المستوطنة إلى العصر الروماني، حيث ستبقى محاطة من جميع الجوانب بالأراضي الفرنسية.

ومن أجل تهدئة الفرنسيين، أعطتهم إسبانيا، في المقابل، وادي كارول المجاور، الذي يعرف بأهمية استراتيجية، كونه يسيطر على الطريق إلى تولوز.

ووصل صراع أكثر خطورة إلى ليفيا في عام 1939.

في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية الإسبانية، عندما وصل الجيش الفرانكوي إلى الحدود، كان يجب أن يطلب إذناً من الحكومة الفرنسية للتقدم إلى ليفيا.

تظهر الصور حينها كيف قطع الجنود ميلاً ونصف عبر الأراضي الفرنسية، تحت أعين الدرك الفرنسي المصطف على طول الطريق.

غشاء وليس حاجزا
مع اختفاء الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي في الغالب، تم إعادة الروابط بين الجانبين. قد يحمل السكان المحليون جوازات سفر مختلفة، لكن يشارك العديد لغتهم وثقافتهم الكاتالونية.

يوضح فرانسوا مانسيبو، أستاذ الاستدامة والتخطيط الحضري بجامعة ريمس والخبير في العلاقات عبر الحدود في المنطقة: “أصبحت الحدود أيضاً جزءاً من الهوية المحلية.. إنها عقبة ولكنها غالباً ما كانت أيضاً وسيلة لكسب المال لأولئك الذين قد يتلاعبون بالنظام، على سبيل المثال من خلال التجارة، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني”

وأضاف: “حافظ الناس من كلا الجانبين على روابط وثيقة، وغالباً ما كانوا يتزوجون.. أود أن أعرّفها بأنها نوع من الغشاء وليس حاجزاً”.

ومن اللحظات المحورية الأخرى هي افتتاح نفق كادي في الثمانينيات، والذي يمتد تحت سلسلة جبال سيرا دي مويشيرو، ما عزز الاتصالات مع منطقة برشلونة بشكل كبير.

يقول الأستاذ مانسيبو: “في البداية، عند اختفاء الحدود، تسبب ذلك بالقليل من الارتباك، لكن سرعان ما استفاد كلا الجانبين من الفرص الاقتصادية الجديدة.

ويعد الوادي اليوم وجهة لقضاء العطلات، حيث ينجذب السياح إلى منتجعات التزلج المتعددة والممرات الجبلية. انتشرت منازل العطلات والمتاجر والشركات بسلاسة على جانبي الحدود، ما أدى إلى إحياء القرى الريفية

أوسمة :

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات