زايوتيفي – متابعة
يتواصل الجدل السياسي والقانوني في باريس بعد استعداد وزارة الداخلية لطرد أئمة مغاربة وعرب جدد، وذلك بسبب تفعيل فرنسا قانون الانفصالية الإسلاموية، فيما تلوح في الأفق معارك قضائية قادمة للنظر في مدى قانونية الإجراأت الحكومية المتخذة.
ولأول مرة في تاريخ الجمهورية الفرنسية، تشدد الأخيرة قبضتها على العمل الديني والإرشادي في بلادها، حيث لم يعد للأئمة والمرشدين الدينيين هامش كبير للتحرك، سواء على مستوى المساجد أو المؤسسات الدينية.
وأشار منتصر حمادة، الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، إلى أنه في تعامل الدولة الفرنسية مع ملف الأئمة يجب الأخذ بعين الاعتبار حساسية المسألة الدينية في فرنسا، إلى درجة أن العلمانية في نسختها الفرنسية يُصطلح عليها باللائكية، وهي نسخة متشددة من العلمانية، بل الأكثر تشدداً مقارنة بالعلمانية الإسبانية أو الهولندية أو الألمانية أو غيرها في دول أوروبا الغربية.
وأضاف الأخير في تصريح له للإعلام المغربي، أن ثمة قانونا صدر سنة 1905، يُعتبر الأرضية النظرية الدولاتية التي تسطر علاقة الدولة بالدين في فرنسا، لكن هناك ما يشبه مطالب بإعادة النظر في هذا القانون بحكم التحولات المجتمعية التي يمر منها الاجتماع الفرنسي، ومنها التحولات المرتبطة بوجود الجالية المسلمة التي يتراوح عددها بين 6 و7 ملايين مسلم.
وفيما أن هذه الجالية بحاجة إلى تأطير ديني، يقول حمادة، لافتا إلى أن هناك اتفاقيات مع ثلاث دول إسلامية، هي المغرب والجزائر وتركيا، بخصوص استقدام أئمة من هذه الدول من أجل المساهمة في تأطير الجالية المسلمة.
وأضاف أنه جرت عدة مستجدات خلال العقد الماضي، وليست أحداث “شارلي إيبدو” في يناير 2015 سوى أحد هذه التحولات، ومنها أيضاً ظهور الحالة الجهادية، وصعود اليمين الفرنسي في السياسة والإعلام والفكر، وانتشار الإسلاموية، الإخوانية والسلفية، والصراع بين المغرب والجزائر على تدبير الشأن الإسلامي الفرنسي، ومعه الصراع القائم مع الأتراك، بما في ذلك المواقف النقدية المتبادلة بين الرئيس التركي ونظيره الفرنسي، ضمن تحولات وتطورات أخرى.
وكل هذه التطورات، يقول حمادة، أفضت إلى التعامل الفرنسي مع ملف الأئمة بحساسية كبرى مقارنة بما كان سائداً في العقود الماضية