زايوتيفي.كوم
رغم رحيله، سيبقى اسم السياسي المغربي المخضرم عبد الرحمن اليوسفي، أيقونة تجمع الفرقاء في بلد يتسم بتنوع الألسن والثقافات.
وصباح الجمعة، توفي اليوسفي، رئيس الوزراء الأسبق، بمدينة الدار البيضاء عن عمر ناهز 96 عاما، إثر وعكة صحية أرقدته المستشفى قبل أيام. و يعد عبد الرحمان اليوسفي ، السياسي المخضرم بدأ حياته كناشط ومحامِ ومعارض في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب (1912-1956)، وقضى رحلة سياسية ثرية بين معارضة القصر ورئاسة الحكومة والمشاركة في تأسيس أكبر الأحزاب اليسارية، حتى اعتزال العمل السياسي.
قاد اليوسفي الحكومة المغربية، في مرحلة صعبة كانت تمر بها البلاد، بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني (23 يوليوز/ 1999)، وتولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم. ولد اليوسفي في 8 مارس/آذار 1924 في مدينة طنجة (شمال)، وحاز على إجازة في القانون فضلًا عن دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية، ودبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان. وانخرط اليوسفي في سن مبكرة في العمل السياسي، وهو لا يزال في ريعان شبابه عندما كان عمره 19 عامًا.
ومنذ بداية عمله الحزبي والسياسي؛ ساهم اليوسفي بمعاونة زملائه في المقاومة على تأسيس العديد من الجمعيات والمنظمات كوسيلة فاعلة لتنظيم وحشد الشباب والطبقة العاملة بالمغرب. كما ساهم أثناء دراسته الجامعية في فرنسا (1949-1952) على دعم الجالية المغربية، -لا سيما العمال المهاجرين- في التنظيم داخل كيانات للدفاع عن حقوقهم.
وأُوقف اليوسفي، مرتين خلال عامي 1960 و1963، ثم أفرج عنه في 1964، حتى أصبح المعارض المغربي الوحيد الذي يتولى رئاسة الحكومة.
لقد كان اليوسفي معارضًا للملك الراحل الحسن الثاني، لكنه عاد من فرنسا إلى الوطن وترأس حزب “الاتحاد الاشتراكي” (أكبر حزب يساري بالبلاد)، وشارك في انتخابات عام 1997 حيث تصدر الحزب الانتخابات.
وقاد اليوسفي الحكومة التي سميت حينها بـ”حكومة التناوب” في مارس 1998.
واتسمت تلك الفترة في المغرب بتعقيدات، كونها كانت مُطالبة بفتح آفاق جديدة وتصفية ملفات الماضي أو ما عُرف في البلاد بـ”سنوات الجمر والرصاص”.
عبد الرحمان اليوسفي اعتبر مهندس العدالة الانتقالية بالمغرب ساهم بشكل كبير في جعل بلادنا تتخطى مراحل عصيبة، إذ استطاع من خلال حكمته وتجربته الطويلة في العمل السياسي وتاريخ النضال في مجال حقوق الانسان أن يكون متميزا بمبادئ ثابتة في حب الوطن عبر تاريخ طويل من النضال الحقوقي، حيث اشتهر بدوره الريادي في الأممية الاشتراكية وفي الدفاع عن حقوق الإنسان، أيضا ساهم في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والعديد من المنظمات الحقوقية داخل وخارج المغرب. عمل الفقيد من مواقع مختلفة على تعزيز منظومة حقوق الانسان كما هو متعارف عليها دوليا.
و نفى سي عبد الرحمان اليوسفي ان يكون قد طلب أي تعويض مادي عن سنوات الرصاص، كما نفى تلقيه أي هبات أو ممتلكات بعد توليه المسؤولية، مؤكدا أن كل ما حصل عليه هو ساعتان يدويتان، واحدة من الملك الراحل الحسن الثاني، والثانية من الملك محمد السادس. اليوسفي يكشف في ختام كتاب مذكراته، كيف أنه اتخذ قرارا استثنائيا عندما كان وزيرا أول، يتمثل في التنازل عن التعويضات المالية الخاصة بالتنقلات خارج المغرب، لفائدة صندوق التضامن مع العالم القروي.
رحم الله روح الرجل الاستثنائي الذي لعب دوراً حاسماً في تاريخ بلده بفعل وطنيته الصادقة والتزامه السياسي الخالص واستقامته الأخلاقية القوية وتفانيه اللامتناهي لخدمة الصالح العام”.
- الاستاذ خالد الذهبي عضو المكتب السياسي لحزب الديموقراطيين الجدد