زايوتيفي- مذاغ
انطلقت الجلسة الرابعة من جلسات الملتقى العالمي للتصوف، المنظم من طرف الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها بشراكة مع مؤسسة والمركز الاورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم، في نسخته الخامسة عشر يوم السبت 14 ربيع الأول 1442هـ الموافق لـ 31 أكتوبر 2020، والتي ناقشت محور “التصوف وتدبير الأزمات: أسس ومرتكزات”، وترأس هذه الجلسة الدكتور رشيد أحميميز، أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط.
جاءت أولى مداخلات هذه الجلسة بعنوان: “الصوفية وتدبير الأزمات: أسس ومرتكزات “، ألقاها الدكتور الشيخ سليم علوان الحسيني، مفتي الديار الأسترالية، أكد من خلالها على الدور الذي اضطلع به الصوفية في تدبير الأزمات، من خلال نماذج دالة على ذلك، على اعتبار أن منهجهم قائم على الكتاب والسنة، مضيفا أن صحة الأبدان من النعم التي يجب الحفاظ عليها بالوقاية والنظافة والأخذ بالأسباب؛ فالهدي النبوي يأمر بكل ما فيه خير وصلاح وينهى عن كل ما فيه ضرر بالناس؛ وقد ساق المحاضر مجموعة من الأحاديث الدالة على الحفاظ على الأرواح من خلال الأخذ بالأسباب، وكيف أن الصوفية طبقوا هذا المنهج عن طريق تحصنهم بالأذكار الموصلة لله تعالى.
وقدم الدكتور محمد غاني المداخلة الثانية، وهو باحث في الفكر الصوفي، خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، تحت عنوان: “البعد الصوفي للتدبير اليوسفي”، تحدث فيها عن أهمية التأمل في الفكر والممارسة الصوفية لما فيه من ثمار كثيرة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع والإنسانية، وكيف يمكن الاستفادة من الأزمة وتحويلها من محنة إلى منحة، مع أخذ العبرة من تدبير أزمة المجاعة في عهد سيدنا يوسف عليه السلام، والتي تدل على عظيم قدره وعدم اغتراره بالعلم والعمل، فالكل من عند الله تعالى، وهذا التدبير ورثه عنه أهل الخير والصلاح والإحسان.
“الأفق الجمالي الروحاني مدخلا لتدبير الأزمات: إشارات ومسالك” كان عنوان مداخلة الدكتور محمد التهامي الحراق، حاصل على دكتوراه في الآداب من جامعة محمد الخامس بالرباط، يشغل منصب نائب رئيس مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للدراسات والأبحاث، تحدث من خلالها عن الأفق الروحاني باعتباره أشواقا خاصة بالعارفين بالله من خلال عدة أسس، جمال الحس وجمال المعنى، جمال الباطن وجمال الظاهر، جمال خُلقي وجمال خِلقة، وأضاف أن عنوان هذا الجمال هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكد أن هذا الأفق الجمالي يتأسس على المحبة، ويثمر في الإنسان معنى وجوديا أو ما اصطلح عليه بجدوائية الحياة عند المؤمن، كما تحدث عن تجليات هذه الأفق وهي تجليات معرفية، أخلاقية، وأخرى إبداعية، وختم مداخلته بالحديث عن كيفية تدبير الأزمات من خلال سؤال الروح في مقابل المادة وسؤال الأخلاق في مقابل تفشي سوء الأخلاق، وسؤال الجانب الاجتماعي والبيئي لحل الأزمات الاجتماعية والبيئية.
وفي المداخلة الأخيرة، التي جاءت تحت عنوان ” فعالية الاقتداء في إدارة الأزمات”، أكد الدكتور عبد الرزاق التورابي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأزمات بينت مدى فعالية الحكامة الربانية كما جسدها النبي صلى الله عليه وسلم، وأوضح أهمية الحكامة الأخلاقية في إدارة الأزمات، وذلك من خلال واقعة حنين، مبرزا أن الاقتداء منهج فعال في تخطي الأزمات مصداقا لقوله تعالى “لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة”، كما بين أهمية التزكية كحكامة فاعلة في تدبير الأزمات من خلال ضبط النفس وخلق توازن لكف أذاها وانحرافاتها وتنمية الخير فيها.