زايوتيفي.نت : بقلم الأستاذ. مصطفى أمجكال
هل صارت القنوات الدينية وسيلة تضليل بدل الإصلاح ؟؟
ان جولة واحدة عبر العشرات من القنوات الدينية الفضائية كفيلة أن تجعلك متيقنا ان غالبيتها يعمل وفق أجندة سياسية أو إيديولوجية معينة أو يعمل بفكر تضليلي متطرف .
هذه الجولة قادتني إلى التوقف قليلا عند بعض البرامج الفقهية و العقدية و خاصة برامج رد الشبهات و بيان ضلال المخالف ، كقناة البرهان أو البصيرة على سبيل المثال لا الحصر ، فتبين لي بكل وضوح أنها قنوات تعمل وفق برنامج مسيّس إلى حد كبير ، فمثلا أن تشاهد في قناة( البصيرة) برامج متتالية حول ضلال الإخوان المسلمين و فجورهم و مخالفتهم للعقيدة و الشريعة و أنهم منحرفون و …. في الوقت الذي كانت معظم القنوات تمجد حكم مرسي و تدعوا له بالسداد و أنه إمام عادل و يدعوا إلى الصلاح و تطبيق الشريعة ، فهذا لا يعني بالنسبة لي شيئا سوى أن الدين أصبح عن البعض مطية لأغراض سياسوية بئيسة و خسيسة ، و أنهم بدل أن يعملوا على جعل قنواتهم سببا في دخول الناس في دين الله أفواجا ، يعملون على تسميم المفاهيم حتى تصير سببا للخروج منه و من تعاليمه أفواجا .
في مقابل البصيرة مثلا نجد قنوات البرهان و وصال tv و قناة صفا المدسوسة ببرنامجها الهزيل قرار إزالة ، أو قنوات الشيعة على اختلاف ألوانها ، قنوات اقل ما يقال عنها أنها قنوات تدمير و تمزيق باسم الدين و بغطاء كلام رب العالمين .
اليوم أصبحنا نرى تناقضات صارخة و صادمة في بعض القنوات الدينية ، تناقضات تتراوح بين الظهور بمظهر التدين المنفتح و المتلائم مع روح العصر و قضايا الشباب ، و بين تقديس الطائفة و المذهب و الشيخ و المرجع … فبين هؤلاء و هؤلاء ، حيرة و اضطراب في العرض و موضوعات مقصودة في ذاتها و لها خلفيات فكرية سامة و مدسوسة .
ثم يزداد العجب العجاب حين تجد بعض القنوات الإشهارية تلعب على عقول الناس بتسويق بعض المنتجات الجنسية و التجميلية و تعرضها في صورة اقل ما يقال عنها أنها صور مخلة بالأدب و الحياء و الذوق العام ، و تؤثثها بقراءات قرآنية ندية لكبار المشايخ و المقرئين ، مرة العفاسي و مرة السديس و مرة المعقيلي … فهل صار القرآن الكريم وسيلة تسويق البضائع و ترويجها ؟؟ قد يكون الأمر كذلك عند البعض ممن يربطون المنتج بالقرآن و كأنه مذكور في إحدى السور و عليه الطابع الرباني .
ثم لا ننسى قنوات الرقية الشرعية العجيبة ، تلك القنوات التي لا يفتر أصحابها عن استقبال هواتف المرضى و الممسوسين و المسحورين و الحمقى …. و يكذبون على الأغبياء بتلاوة القرآن و الأدعية و بعض الأحاديث ، و قد يتعدى الأمر إلى طرح الأسئلة و تفسير الأحلام و الرؤى ، و وصف بعض الأدوية أو حتى إرسالها للزبناء بعد تسلم مبالغ مالية ضخمة عبر الحسابات البنكية المعدة لذلك ، و ما الهاشمي عنكم ببعيد ، و غيره كثير .
أمتنا المجيدة تفقد مجدها على أيدي السفهاء و الحمقى و الجهلة ، فمتى نستفيق من هذا السبات الذي فاق سبات الدببة القطبية ، بل أصبح موتا محققا ، إن أصحاب الكهف كانوا يتقلبون في كهفهم ، و امتنا تأبى التقلب و لو لحظة واحدة لعلها تستفيق من ليل الغفلة المدلهم .