اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024 - 10:42 مساءً
أخر تحديث : الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 8:15 مساءً

«الفايسبوك» أو «التويتر» أو «الانستغرام».. الإنترنيت الخطر الداهم

متابعة
 ترجمة: عبدالكريم وشاشا

قبل أربعة عشر سنة كتبت أن انتقالنا نحو الإنترنيت سيجدد علاقتنا بالمعلوميات وبالديمقراطية، لكنك الآن تصدر كتابا كله خيبة وتشاؤم.. ماذا حدث؟؟؟

إن الجيل الذي أنتمي إليه – والذي يعرف جهاز تضمين (modem) 14K وصبيب الإنترنيت – العديد منه، كان يرى بأننا لسنا فقط، بصدد بناء وسائط جديدة، بل كان يعتقد أساسا أن وراء هذه الطفرة مشروع مجتمع.. كنا نظن أننا نساهم في بناء أشكال من الديمقراطية والثقافة ما بعد – حداثية وكنت أومن بمجتمع رقمي وباقتصاد تشاركي واستقلالية الفضاء السبرنيكي وتحرير خوادم الشبكة العنكبوتية وحياديتها، فبدلا من خيبة الأمل والتشاؤم، أنا غاضب ومستاء لأنه ليس هناك حتمية تكنولوجية ليصبح الإنترنيت ما عليه الآن. .. فالخطأ ليس خطؤه، بل للرأسمالية الرقمية التي قامت بالتخطيط وهيكلة اقتصاد اهتمام المستهلك ليحكم قبضته عليه ويوجهه.. ويستحوذ على أكبر حصة من وقته ليحولها أرباحا بفضل الدعاية والإشهار ….

لكن هذا الاقتصاد الذي تتكلم عنه لم يولد مع الإنترنيت… بل مع وسائط قبلها..

بالفعل «اقتصاد الاهتمام» خرج إلى الوجود مع وسائل الإعلام السمعية البصرية، لكنها كانت محدودة في الزمان لأننا لا يمكن أن نحمل معنا جهاز التلفزة أينما كنا، وتأثيرها هو أيضا كان محدودا، لأنها كانت قريبة وتخاطب أعدادا كبيرة، وأخيرا أصبحت محدودة أكثر بعض مراقبتها وتنظيمها تحت ضغط جمعيات حماية المستهلكين… مع الرقمية أو الانتقال من الشرط الإنساني إلى الشرط الرقمي انفجرت الحدود كلها، فوقتنا تم الاستحواذ عليها كليا لأن هواتفنا الذكية أصبحت لا تفارقنا ليل نهار، فكل إشعار يصدر منها أينما كنا يسترعي انتباهنا، فاستعمال الهاتف تداخل مع باقي انشغالاتنا والتزاماتنا فالرقمية استحوذت كل أوقاتنا وحياتنا الإنسانية. بالإضافة إلى أن استعمال المعطيات الشخصية أضفت على هذا الاقتصاد فاعلية ونجاعة أكثر، وأصبح الفرد ببياناته وخصوصياته هدفا دعائيا سهلا بدون رقابة ولا حماية ولا تنظيم..

يجب عينا أن نخوض الصراع كما خضناه من قبل للحد من شطط وتجاوزات الرأسمالية الصناعية في بداية تطورها.. يجب العمل على التعبئة لمناهضة هذه الرأسمالية المهيمنة التي هتكت الحميمية والخصوصية من أجل الربح، فكم من المرات في اليوم التي نقطع أو نكف عن متابعة أحاديث مهمة من أجل أن نلقي نظرة على شاشة هواتفنا، كم من مرة نتوقف فجأة عن القراءة (هذا إذا كنا أصلا نقرأ) بسبب إشعار هاتفي.. لقد أصبحنا في قبضة يد غير رحيمة بالمرة…

فجزء من ممارستنا اليومية أصبح ميكانيكيا.. وافتراضيا وعشوائيا وبعيدا عن الواقع… وأصبحت معطياتنا الشخصية تتلاعب بها وتستخدمها التكنولوجيا بدون علمنا.. (…)

هل حقا يجب حل «الفايسبوك» أو «التويتر» أو «الانستغرام»؟.. هل المشكل يكمن في هذه الوسائط؟ .. لا بل هو النظام الاقتصادي الذي أنتجها، هو الذي يجب مناهضته والصراع ضده.

يجب خوض الصراع، وفي الوقت نفسه أن نتعافى، أن نعمل على التخفيف من الإدمان والحد منه، هذا على المستوى الشخصي، والعائلي والاجتماعي. أن نصارع هو سياسة.. فالتاريخ علمنا أن هناك ثقافات سياسية مختلفة يجب الاستفادة منها.

أوسمة :

أضـف تـعـلـيق 0 تـعـلـيـقـات