وربط الدكتور، الذي يتحدّر من مدينة زايو في إقليم الناظور ويشتغل في تمارة، تحدّيات مهنة الطب في المغرب واكراهاتها بما يتم تداوله في أوساط بعض فئات المجتمع من التعميم في الحديث عن الأطباء بطريقة سلبية.
قناة زايوتيفي تنقل لقرائها الكرام رسالة الدكتور أيمن بوبوح كما نشرها:
عادة لا أقوم بالرد على تعاليق من قبيل “الأطباء أناس بدون ضمير وأن ما يهمهم هو جمع المال فقط وأنهم يفتقدون للإنسانية”، كما أنني لا أعير لهذه الأشياء أدنى إهتمام، وأقول دائما في قرارة نفسي بأن الناس أعداء ما جهلوا وليس هناك داع أو جدوى لأي توضيح، لأنهم لا يرون الأمور إلا من منظور واحد “الأطباء مجموعة من النصابين الجزارين وهم ليسوا محل ثقة ولا كفاءة”.
جال بخاطري الحديث عن هذا اليوم لأنني متعب كثيرا… لأني لم أنم بما فيه الكفاية طيلة هذا الأسبوع… ولأني خرجت للتو من غرفة العمليات… قبل منتصف الليل بقليل فيما يسميه الناس بعطلة نهاية الأسبوع… لأني ألغيت موعد الخروج مع عائلتي للمرة الألف… ولأني لم أزر والدي لأسبوعين متتالين بالرغم من تواجدنا بنفس المدينة… ولأني لم أعد قادرا على برمجة موعد أو لقاء أو بالأحرى لأني سئمت من إلغاء المواعيد واللقاءت مرات ومرات… لأني لم أعد قادرا أن أعيش حياة طبيعية كباقي الناس، فالأصل في هذه المهنة هو كثرة المتغيرات والمستعجلات والمضاعفات ومسابقة الزمن بالثانية والدقيقة… ولأنه بعد كل يوم من العمل المضني والتوتر المزمن، لا أستطيع أن ألتقي بأحد ولا الإستماع لأحد ولا الحديث مع أحد.
كل طاقتي تستنزف في إمتصاص غضب المرضى وذويهم وقلقهم وترقباتهم والإجابة عن أسئلتهم والتركيز مع حالاتهم وتتبع تطور مرضهم وإنتظار شفائهم… يستغرب الناس بالمقابل من برودة دم متخصصي الجراحة خصوصا والأطباء عموما ويعتبرون بأن ذلك من اللامبالاة وهم لا يعلمون بأن ما يرونه حدثا طارئا أو كارثة أو مصيبة هو معاشنا اليومي… نحمل حياة الناس على عاتقنا بشكل يومي ونلامس الموت بشكل يومي! ونسمع البكاء ونتحسر على أحوال الناس يوميا! وتحترق أعصابنا في كل دقيقة ألف مرة ونفقد في كل يوم جزءا منا لكي نحاول إنقاذ ما يمكننا إنقاذه بما نجده من إمكانيات في منظومة صحية عوجاء حولاء وعرجاء تحرجنا أمام قلة حيلة الناس وضعف قوتهم.
من الصعب جدا أن نحقق التوازن بين الانفصال العاطفي الجاف عن الحالات المرضية والتعاطف الدرامي الزائد عن اللزوم… وأن نحقق التوازن بين التفاؤل والواقعية في مواجهة حالات مرضية معقدة تلفها مخاطر كبيرة.
كما أن النجاح والفشل قد يكون خارجا عن سيطرة الجراح أو الطبيب لكون الطب ليس علما دقيقا كالرياضيات… وفي بعض الأحيان، بغض النظر عن مدى إتقان العمل من عدمه، قد تسوء الأمور لسبب ما، لأن الأطباء محكومين بنفس الحظ الغبي والإحصائيات التي تحكم كل هذا الكون.
الأطباء ليسوا آلهة! هم سبب في العلاج فقط… السبب الرئيسي من أسباب تتوالى في سلسلة العلاج، وبالرغم من الخبرة والمعرفة الطبية الواسعة فهناك هامش كبير لا يتحكم فيه الطبيب، فنحن لا نختلف عن غيرنا في شيء، نحن بشر.
نشكر الدكتور بوبوح على مجهوداته الكبيرةلمساعدة مرضى ابناء مدينته ومنطقته كما نشكر جميع الدكاترة ابناء مدينة زايو على الحملات الطبية التي يقيمونها في مدينتهم ومساعداتهم ونسأل الله العلي القدير أن يجازيهم احسن الجزاء وان يبارك فيهم وفي اهلهم وابنائهم ولن ننسى كأبناء مدينة زايو وقفاتهم مع الفقراء والمرضى والمعوزين